فصل: الخبر عن دولة بني الرسى أئمة الزيدية بصعدة وذكر أوليتهم ومصاير أحوالهم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن دولة بني الرسى أئمة الزيدية بصعدة وذكر أوليتهم ومصاير أحوالهم.

قد ذكرنا فيما تقدم خبر محمد بن إبراهيم الملقب أبوه طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن الدعي وظهوره أيام المأمون وقيام أبي السرايا ببيعته وشأنه كله ولما هلك وهلك أبو السرايا وانقرض أمرهم طلب المأمون أخاه القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا ففر إلى السند ولم يزل به إلى أن هلك سنة خمس وأربعين ومائتين ورجع ابنه الحسن إلى اليمن وكان من عقبه الأئمة بصعدة من بلاد اليمن وكان من عقبه أقاموا للزيدية بها دولة اتصلت آخر الأيام وصعدة جبل في الشرق عن صنعاء وفيه حصون كثيرة أشهرها صعدة وحمص تلا وجبل مطابة وتعرف كلها ببني الرسي وأول من خرج بها منهم يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي دعا لنفسه بصعدة وتسمى بالهادي وبويع بها سنة ثمان وثمانين في حياة أبيه الحسين وجمع الجموع من شيعتهم وغيرها وحارب إبراهيم بن يعفر وكان أسعد بن يعفر السادس من أعقابه التبابعة لصنعاء وكملا فغلبه على صنعاء ونجران فملكها وضرب السكة ثم انتزعها بنو يعفر منه ورجع إلى صعدة وتوفي سنة ثمان وتسعين لعشر سنين من ولايته هكذا قال ابن الحارث قال: وله مصنفات في الحلال والحرام وقال غيره كان مجتهدا في الأحكام الشرعية وله في الفقه آراء غريبة وتواليف بين الشيعة معروفة قال الصولي: وولي بعده ابنه محمد المرتضى واضطرب الناس عليه وهلك سنة عشرين وثلثمائة لست وعشرين سنة من ولايته وولي بعده أخوه الناصر أحمد واستقام ملكه واطرد في بنيه بعده فولي بعده ابنه حسين المنتخب ومات سنة أربع وعشرين وولي بعده أخوه القاسم المختار إلى أن قتله أبو القاسم الضحاك الهمداني سنة أربع وأربعين وقال الصولي: من بني الناصر الرشيد والمنتخب ومات سنة أربع وعشرين وقال ابن حزم: لما ذكر ولد أبي القاسم الرسي فقال: ومنهم القائمون بصعدة من أرض اليمن أولهم يحيى الهادي له رأي في الفقه وقد رأيته ولم يبعد فيه عن الجماعة كل البعد كان لأبيه أحمد الناصر بنون ولي منهم صعدة بعده جعفر الرشيد وبعده أخوه القاسم المختار ثم الحسن المنتخب ومحمد المهدي قال: وكان اليماني القائم بماردة سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة يذكر أنه عبد الله بن أحمد الناصر أخو الرشيد والمختار والمنتخب والمهدي وقال ابن الحاجب: ولم تزل إمامتهبم بصعدة مطردة إلى أن وقع الخلاف بينهم وجاء السليمانيون من مكة عندما أخرجهم الهواشم فغلبوا عليهم بصعدة وانقرضت دولتهم بها في المائة السادسة قال ابن سعيد وكان من بني سليمان حين خرجوا من مكة إلى اليمن أحمد بن حمزة بن سليمان فاستدعاهم أهل زبيد لينصرهم على علي بن مهدي الخارجي حين حاصرهم وبها فاتك بن محمد من بني نجاح فأجابهم على أن يقتلوا فاتكا فقتلوه سنة ثلاث وخمسمائة وملكوا عليهم أحمد بن حمزة فلم يطق مقاومة علي بن مهدي ففر عن زبيد وملكها ابن مهدي قال: وكان عيسى بن حمزة أخو أحمد في عشرة باليمن ومنهم غانم بن يحيى ثم ذهب ملك بني سلمان من جميع التهائم والجبال واليمن على يد بني مهدى ثم ملكهم بنو أيوب وقهروهم واستقر ملكهم آخرا في المنصور عبد الله بن أحمد بن حمزة قال ابن العديم أخذ الملك بصعدة عن أبيه واشتدت يده مع الناصر العباسي وكان يناظره ويبعث دعاته إلى الديلم وجيلان حتى خطب له هنالك وصار له فيها ولاة وأنفق الناصر عليه أموالا في العرب باليمن ولم يظفر به قال ابن الأثير: جمع المنصور عبد الله بن حمزة أيام الزيدية بصعدة سنة اثنتين وخمسمائة وزحف إلى اليمن فخاف منه المعز بن سيف الإسلام طغتكين بن أيوب ثم زحف إليه المعز فهزمه ثم جمع ثانية سنة اثنتي عشرة وستمائة جموعا من همذان وخولان وارتجت له المجن وخاف المسعود بن الكامل وهو يومئذ صاحب اليمن ومعه الكرد والترك وأشار أمير الجيوش عمر بن رسول بمعاجلته قبل أن يملك الحصون ثم اختلف أصحاب المنصور ولقيه المسعود فهزمه وتوفي المنصور سنة ثلاثين وستمائة عن عمر مديد وترك ابنا اسمه أحمد ولاه الزيدية ولم يخطبوا له بالإمامة يتنظرون علو سنه واستكمال شروطه ولما كانت سنة خمس وأربعين بايع قوم من الزيدية لأحمد الموطىء من بقية الرسي وهو أحمد بن الحسين من بني الهادي لأنهم لما أخرجهم بنو سليمان من كرسي إمامتهم بصعدة آووا إلى جبل قطابة بشرقي صعدة فلم يزالوا هنالك وفي كل عصر منهم إمام شائع بأن الأمر إليهم إلى أن بايع الزيدية الموطىء وكان فقيها أديبا عالما بمذهبهم قواما صواما بويع سنة خمس وأربعين وستمائة وأهم نور الدين عمر بن رسول شأنه فحاصره بحصن تلا سنة وامتنع عليه فأفرج عنه وحمل العساكر من الحصون المجاورة لحصاره ثم قتل عمر بن رسول وشغل ابنه المظفر بحصن الدملوة فتمكن الموطىء وملك عشرين حصنا وزحف إلى صعدة فغلب السليمانيين عليها وقد كانوا بايعوا لأحمد ابن إمامهم عبد الله المنصور ولقبوه المتوكل عندما بويع للموطىء بالإمامة في تلا لأنهم كانوا ينتظرون استكمال سنه فلما بويع الموطىء بايعوه ولما غلبهم على صعدة نزل أحمد المتوكل إمامهم وبايع له وأمنه وذلك سنة تسع وأربعين ثم حج سنة خمسين وبقي أمر الزيدية بصعدة في عقب الموطىء هذا وسمعت بصعدة أن الإمام بصعدة كان قبل الثمانين والسبعمائة علي بن محمد في أعقابهم وتوفي قبل الثمانين والسبعمائة علي بن محمد من أعقابهم وولي ابنه صلاح وبايعه الزيدية وكان بعضهم يقول ليس هو بإمام لعدم شروط الإمامة فيقول: هو أنا لكم ما شئتم إمام أو سلطان ثم مات صلاح آخر سنة ثلاث وتسعين وقام بعده ابنه نجاح وامتنع الزيدية من بيعته فقال: أنا محتسب لله هذا ما بلغنا عنهم بمصر أيام المقام فيها والله وارث الأرض ومن عليها.